الجمعة، 25 أبريل 2014

معارضة البديل الحقيقي للنظام الجزائري المنبوذ؟



معارضة البديل الحقيقي للنظام الجزائري المنبوذ؟
بقلم: بلقاسم (سعيد) مليكش
ماجستير فلسفة، عضو المجلس الوطني للأفافاس

يخرج علينا دائما بعض محترفي معارضة المساندة غير المباشرة، ليتفقهوا على الشعب بحكايات ظاهرية تهيأ الرأي العام كما جرت العادة لقبول ما لا يقبل أو لتوجيه الرأي إلى ما لا يجب التوجه إليه. فمن خصائص النظام كما نقول دائما الإكثار من المبادرات لأجل التغطية على المبادرات الحقيقية، والإكثار من المعارضيين المزيفيين لإغراق المعارضة الحقيقية ضمنها. ومشكلتنا مع معارضة الواجهة، خاصة المزيفة منها والمعارضة للمعارضة الحقيقية، أكبر من مشكلتنا مع النظام.
لا يمكن إيجاد بديل حقيقي للسلطة الحالية بنفس رجالها السابقين حتى ممن عارضوها، باعتبار أن إمكانية العودة إلى نفس الممارسات تبقى واردة وأشد من السابقة. فهدف هذه (المعارضة) بين قوسين، بحكم طبيعة تركيبتها البشرية، هو احتلال مكان السلطة الحاكمة الحالية فقط ومواصلة مهامها بمجموعات بشرية مختلفة، أي الحلول محل السلطة الحالية مع تغيير أشخاص بأشخاص بنفس الذهنيات والسلوكيات المنطبعة والمتأصلة فيهم بحكم السن والتعود على التعامل مع نفس النظام دون تغيير الإستراتيجيات والذهنيات.
العوامل جلية واضحة من خلال التركيبة البشرية لهذه (المعارضة) بين قوسين، والمتكونة من غالبية من المسؤولين السابقين من وزراء، سفراء، ولاة، وعسكريين متقاعدين، مع رجال مال (لكي لا نقول رجال أعمال) باحثين عن الريع، بالإضافة إلى سياسيين تقلدوا مناصب باسم أحزابهم ومنظماتهم ثم فقدوها لأسباب أقل ما نقول عنها أنها من طبيعة وأسس النظام الذي تحاربه.
بحكم التركيبة البشرية (للمعارضة) بالشكل الحالي، حتى وإن كانت نية بعض القياديين صادقة في أنهم يحملون مشروع التغيير الحقيقي، ويعتقدون أنهم يناضلون من أجله، فإن هذه (المعارضة) إنما ستحل محل السلطة لاستعادة مواقع سابقة أو أخذ حصتها من "الغنائم"، ولا يهمها غير ذلك حين تصل السلطة إن وصلت، حيث تدخل في تركيبة نفس النظام وإن بشكل آخر، وتساهم في بقائه وتطويره إلى الأسوأ بدعم أسسه في سلوكياته المنبثقة عن نفس الذهنيات وردود الفعل الموروثة، إن إيجابا أو سلبا.
البديل الحقيقي هو المساعدة والدفع إلى الأمام للوجوه الجديدة والنشطة في القيادة بدل (النخبة التقليدية)، ودفع الكفاءات الميدانية بدل (الأسماء الملمعة) خاصة، من الوجوه التي لم يسبق لها تقلد المسؤوليات السياسية في الصفوف الأمامية، ولا احتلت مواقع مرموقة في السلطة تحت ظل النظام وذهنياته وسلوكياته، ثم أبعدت عنها لسبب أو لآخر. ذلك بإبراز قوى جديدة من المجتمع المدني بمشروع مستقبلي متكامل تتم صياغته مع القوى الصاعدة من الأجيال الشابة خارج أسلوب عمل كل من السلطة ومعارضتها، وبوسائل وأساليب جديدة ليست تلك التي هي أحيانا لما قبل القرن العشرين.
المعارضة (التقليدية) لوحدها عائق للتغيير أكثر منه أداة له، فهي غير قادرة على التغيير لوحدها ما لم تغير في تركيبتها البشرية أولا، من أجل تغيير الذهنيات المتكلسة والسلوكيات المتهرئة. لأن أغلب مكوناتها هي نتاج السلطة القائمة للنظام ومازالت بنفس ردود الفعل ونفس منهجية تحقيق الغايات الفردية والخاصة قبل الغايات الجماعية والعامة، وليس حتى أولى هذه الغايات ضمن ثانيها.
المعارضة (التقليدية) للسلطة ما هي إلا جزء من النظام ككل وليست خارجة عنه وإنما خارجة منه عند وخلال تأسيسه وتطوره ومساره، ماضيا وحاضرا. النظام ليس إلا كلا مركبا من موجبه الذي ينتج سلبه ضمن ثنائية تبادلية للأدوار بخاصة، وعلى حساب غالبية الشعب وآماله.
إن النظام ككل، نظام يبدل جلده ويضخ دما جديدا في عروقه، من خلال استقطاب أوجه المعارضة إليه وضمنه، بفضل شراء ذممهم. ذلك أنهم بحكم تركيبتهم الذهنية بالتركيبة البشرية الحالية لـ (المعارضة التقليدية) مهيئون مسبقا لقبول عروض النظام ولخدمته من حيث لا يشعرون دون تغييره، لكون ذهنياتهم وسلوكياتهم تلك هي من نتاج النظام سلبا له، كما تعيد إنتاجه. فعلى الأقل، بتغيير التركيبة البشرية للمعارضة ذاتها تتغير الذهنيات والسلوكيات للنظام من خلال نفس آلية عمله واشتغاله لتجديد نفسه وضخ الدم الجديد في عروقه، من حيث محاولة احتواء الوجوه الجديدة الشابة للمعارضة ولكن بذهنيات وسلوكيات جديدة تفهم على الأقل واقع العصر وتعيشه، لأنها انطبعت بعصرها هذا وتربت في أحضانه وتشبعت بكيفيات اشتغاله وتمرست على أدواته الجديدة للفهم وللعيش. ليس مثل الأوجه القديمة التي مازالت تعيش في العصور السابقة البعيدة بحكم تطبعها بالسن، وبحكم أن تسارع التغيير كبير جدا ومن ميزة العصر، حيث أن التغيير الذي كان يحدث خلال قرون قد حدث خلال عقود، والتغيير الذي يحدث خلال عقود أصبح يحدث خلال أيام بتسارع وتيرة التغيير عن طريق التكنولوجيا والعولمة ، ذلك في ما يمكن تسميته بتسارع التسارع في حد ذاته.
التغيير بذلك، يتم بضخ الدم الجديد في السلطة ولكن من زمرة دموية أخرى غير التي للنظام، تكون التغيير من طبيعته نحو الأحسن وبما يوافق التركيبة البشرية للمجتمع ويتناغم معه ومع آماله ولو جزئيا وتدريجيا.
النظام يشتري الرجال، الذمم، والشعارات ووو... وحتى أنه يشتري المعارضة، إن كان يجوز أن يطلق عليها ذلك الوصف، بفضل أموال البترول كريع. وعندما تجف آبار البترول، ستجف المصارف ويكتفي أوجه النظام بحزم حقائبهم إلى فرنسا ومثيلاتها للتمتع عن طريق المال المنهوب بما كتب الله من بقية أعمار، ويتركون البلاد للفوضى والشرور، ويومها يظهر من يحزم حقائبه أيضا من المعارضة الملغمة.
الجزائر بتاريخ 25/04/2014

ليست هناك تعليقات: